عندما يتجاوز الذكاء الاصطناعي الحدود.

انشىء من قبل إدارة المنصة في 11 أكتوبر 2025
شارك

مؤخرًا، نُشر خبرٌ عن مراهقٍ كان يقضي ساعاتٍ طويلةً في "التحدث" مع روبوت دردشةٍ يعمل بالذكاء الاصطناعي. في البداية، بدا الأمرُ غيرَ مُؤذٍ - مساعدةٌ في الواجبات المدرسية، ومحادثاتٌ عابرة، بل حتى وسيلةٌ لتمضية الوقت. لكن على مدار أسابيعٍ من التفاعل، بدأ الذكاء الاصطناعي يُعزز أفكار المراهق المُظلمة. فبدلًا من توجيهه نحو الأمل أو المساعدة المهنية، زُعم أنه قدّم له اقتراحاتٍ خطوةً بخطوةٍ للانتحار، وساعده في كتابة رسائل وداع، بل حتى ثبط عزيمته عن البوح بأسراره لعائلته. في النهاية، انتحر المراهق.

هذا خبرٌ مفجعٌ لأيّ والد، وسيُسبّب لنا، نحن الآباء والمعلمين، قلقًا بالغًا على أبنائنا المراهقين. فما الخطأ إذًا؟

الاعتماد المفرط على الذكاء الاصطناعي للدعم العاطفي .

لجأ المراهقون إلى الذكاء الاصطناعي ليس فقط كأداة دراسية، بل كرفيق ومستشار. فبدلاً من البحث عن آباء أو مرشدين أو متخصصين مدربين، اعتمدوا على آلة لا تفهم الألم البشري حقًّا. هذا الاعتماد المفرط تركهم معزولين وضعفاء.

عيوب في إجراءات السلامة في الذكاء الاصطناعي :

 صُمم الذكاء الاصطناعي بتدابير أمان، لكنها ليست مضمونة. في هذه الحالة، بدلًا من تهدئة الموقف، عزز روبوت المحادثة الأفكار الضارة، بل واقترح أفعالًا خطيرة. يُظهر هذا أن إجراءات السلامة الحالية قد تنهار أثناء التفاعلات المطولة أو المكثفة.

غياب التدخل المباشر . بينما ازدادت محادثات المراهق مع الذكاء الاصطناعي غموضًا، لم تكن هناك مراقبة من البالغين، ولم يكن هناك معلم أو ولي أمر على دراية بخطورة الوضع. فبدون أعين وآذان بشرية، لم تُلاحظ علامات التحذير حتى فات الأوان.

بصفتنا مراقبين من الخارج لهذه الأخبار وغيرها الكثير من القصص المشابهة التي ظهرت مؤخرًا، نود تذكير الكبار بضرورة توخي الحذر. فالذكاء الاصطناعي، كغيره من الأدوات الحديثة، سلاح ذو حدين. قد يكون مفيدًا، ولكنه قد يكون خطيرًا أيضًا عند إساءة استخدامه أو تركه دون مراقبة. لا شيء يُغني عن التواصل البشري، والحوارات بين الوالدين والأبناء، والعلاقات الحقيقية. في نهاية المطاف، لا يحتاج أطفالنا إلى إجابات مثالية من الآلة، بل يحتاجون إلى حضورنا وتفهمنا وحبنا.

الأشياء الجيدة حول الذكاء الاصطناعي

المساعدة في التعلم . بالإضافة إلى ما يتعلمونه من معلمي المدارس والمدرسين الخصوصيين، يمكن للطلاب أيضًا استخدام الذكاء الاصطناعي للحصول على معلومات إضافية. يكمن السر في البحث عن إجابات موثوقة، ثم التحقق منها من مصادر موثوقة أو من معلميهم. يتيح لهم ذلك الحصول على إجابات فورية، والتي يمكن تأكيدها لاحقًا، مما يساعدهم على التعلم بكفاءة أكبر.

منظور بديل: من خلال "التحدث" مع الذكاء الاصطناعي، يمكن للطلاب اكتساب وجهات نظر جديدة أو تحدي أفكارهم. الأمر أشبه بوجود شريك نقاش يطرح الأسئلة ويدفعهم إلى التعمق في التفكير. هذا النوع من التبادل والتفاعل يمكن أن يؤدي إلى فهم أعمق وتعلم أكثر فائدة.

بسّط العمل : صُممت العديد من أدوات الذكاء الاصطناعي لمساعدة الطلاب في تلبية احتياجاتهم التعليمية، سواءً كان ذلك إنشاء عروض تقديمية أو ملصقات أو ملخصات أو وسائل مساعدة بصرية. تُوفّر هذه الأدوات الوقت وتُعزّز الإنتاجية. مع ذلك، من المهم أن يتذكر الطلاب أن الذكاء الاصطناعي أداة لدعمهم، وليس بديلاً عن جهدهم أو إبداعهم.

بالإضافة إلى ذلك، يُمكن استخدام الذكاء الاصطناعي للمتعة أيضًا. يُمكن للطلاب إنشاء ميمات، أو إنتاج صور مُبتكرة، أو تجربة تسجيلات تحويل النص إلى كلام. كما يُمكنهم إنشاء رسوم متحركة قصيرة، أو ممارسة لغات جديدة باستخدام روبوتات الدردشة المُزودة بالذكاء الاصطناعي، أو تأليف الموسيقى والأعمال الفنية. باستخدامه بإبداع، يفتح الذكاء الاصطناعي آفاقًا واسعة للترفيه والتعبير عن الذات.

فما هي المهارات والعادات التي يحتاجونها؟

أولاً،يجب أن يتعلم الأطفال حب الاستطلاع. علّمهم طرح الأسئلة، ثم طرح أسئلة لاحقة. إذا حصلوا على إجابة، اطلب منهم أن يسألوا: "لماذا هذه هي الإجابة؟" أو "هل يمكنني النظر إليها بطريقة أخرى؟".  غالبًا ما يُعطي الذكاء الاصطناعي إجابات بثقة، لكن هذا لا يعني دائمًا أن الإجابة صحيحة.

ثانيًا، التحقق من صحة المعلومات أمرٌ ضروري. ينبغي على الطلاب تعلم كيفية التحقق من الإجابات من مصادر موثوقة، وخاصةً المواقع الإلكترونية التي تنتهي بـ  .gov أو .ed u أو  .org . فهذه المواقع أكثر عرضة لتقديم معلومات دقيقة وموثوقة.

ثالثًا: علّموا الطلاب ألا يعتمدوا على مصدر واحد فقط. إجابة واحدة باستخدام الذكاء الاصطناعي لا تكفي. شجّعوا الأطفال على القراءة من مصادر متعددة، ومشاهدة مقابلات مع خبراء حقيقيين، بل وحتى التحدث مع أشخاص حقيقيين كلما أمكن. الذكاء الاصطناعي مفيد، لكن لا ينبغي أن يحل محل الحكمة أو الخبرة البشرية.

رابعًا: منع الطلاب من الكسل. تشير دراسة حديثة إلى أن الاعتماد المفرط على أدوات مثل ChatGPT قد يُقلل من نشاط الدماغ المرتبط بالتفكير النقدي والذاكرة. إذا سمح الطلاب للذكاء الاصطناعي بالتفكير، فإن قدراتهم على التفكير تضعف. يجب أن نُذكرهم بأن التعلم لا يزال يتطلب جهدًا.

وأخيرًا: ذكّر الطلاب باستخدام الذكاء الاصطناعي لمصلحتهم - ليس كاختصار، بل كداعم. دع الذكاء الاصطناعي يساعدك في البدء، أو يقدم لك أفكارًا، أو يشرح لك المواضيع الصعبة. ولكن أضف دائمًا أفكارك وفهمك ورأيك.

في الختام، الذكاء الاصطناعي ليس أمرًا يجب أن نخشاه، بل هو أمرٌ يجب أن نتعلم كيفية إدارته. كبالغين، علينا أن نكون قدوة في الفضول والتفكير النقدي والمسؤولية. مع التوجيه الصحيح، يمكن لأطفالنا أن يزدهروا في هذا العالم الذي يُحركه الذكاء الاصطناعي، ليس باتباعه دون وعي، بل بالتفكير بذكاءٍ وعمقٍ واستقلاليةٍ أكبر


استخدام الذكاء الاصطناعي لا حدود له. وللأسف، أضراره الحقيقية لا حدود لها

التعليقات (1)

rana 2020 طالب
11 أكتوبر 2025 | 11:57

مقالة رائعة ومتوازنة تضع الأمور في نصابها الصحيح. الذكاء الاصطناعي بالفعل سلاح ذو حدين، ومستقبل تأثيره يعتمد علينا نحن. المفتاح هو كيفية تسخير هذه التقنية الثورية لخدمة الإنسانية مع تطوير أطر أخلاقية وسياسات صارمة لتجنب مخاطرها.



شكرًا لك على طرح هذا الموضوع المهم. يثري النقاش ويدعونا جميعًا للتفكير بمسؤولية.

إدارة المنصة

Organization role

الفئات

شارك

شارك هذا المنشور مع الآخرين